top of page

مستقبل التأجير التمويلي للسيارات في الشرق الأوسط والأردن

طريق جديد نحو النمو والتحول الذكي


ree

يشهد قطاع السيارات في الشرق الأوسط تحولًات جذرية في السنوات الأخيرة، سواء ما يتعلق بنوعيتها أو قنوات التمويل في اقتنائها والتغير في سلوك المستهلكين وبحثهم عن طرق جديدة للاستفادة من المميزات التي يوفرها اقتناء سيارة


التحول من الملكية إلى الاستخدام

خلال الفترة الماضية بدأ مفهوم جديد ينتشر في دول العالم يمكن تسميته "الاستخدام بدل التملك" الذي  يعكس تغيرًا في سلوك المستهلكين، ويمثل في الوقت ذاته فرصة ذهبية لشركات التأجير التمويلي لتوسيع نطاق أعمالها في أسواق تتسم بالنمو والحداثة مثل الأردن ودول الخليج العربي .

لم يعد المستهلك في المنطقة يبحث فقط عن سيارة يمتلكها، بل عن وسيلة تنقله دون أعباء الصيانة، والضرائب، وتقلبات السوق. وهنا يأتي دور التأجير التمويلي كأحد الحلول المالية الأكثر مرونة واستدامة.


المشهد الإقليمي: أسواق تنضج بسرعة

تشير البيانات الحديثة إلى أن قيمة سوق السيارات في دول مجلس التعاون الخليجي بلغت نحو 27 مليار دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن تتجاوز 46 مليار دولار بحلول عام 2030 بمعدل نمو سنوي يناهز 9.5%.

وفي الإمارات وحدها، وصل حجم سوق التأجير والتأجير التمويلي إلى 2.46 مليار دولار في العام نفسه، مدفوعًا بازدهار السياحة وارتفاع عدد الشركات الناشئة التي تعتمد على حلول تنقل مرنة.

أما في السعودية، فتواصل مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) جهودها لتنظيم قطاع التأجير عبر قوانين جديدة تحدد بوضوح حقوق المستأجرين والمؤجرين، وتعزز الشفافية وتقلل من مخاطر الديون المتعثرة.

هذه التطورات التنظيمية تمثل نقطة تحول محورية، حيث أصبحت السوق السعودية بيئة خصبة للنمو المؤسسي المستدام في هذا القطاع.


الأردن: سوق واعدة تتغير بسرعة

على الرغم من صغر حجم السوق مقارنة بدول الخليج، فإن الأردن تشهد تطورًا متسارعًا في قطاع السيارات، مدعومًا بإصلاحات اقتصادية وتنظيمية يفترض ان تشجع الطلب على الحلول التمويلية المبتكرة

بلغت مبيعات السيارات الجديدة في الأردن عام 2024 حوالي 38,940 سيارة بزيادة نسبتها 3.6٪ عن العام السابق. وتصدرت تويوتا المبيعات تليها كيا ثم شانغان الصينية، ما يعكس تنوعًا في العلامات التجارية واهتمامًا متزايدًا بالموديلات الاقتصادية والمركبات الكهربائية.



الضرائب والحوافز: بيئة أكثر جذبًا

أحد أبرز العوامل التي سوف تساهم نمو السوق هو إصلاح النظام الضريبي على السيارات. فقد تم تخفيض الضرائب على سيارات البنزين والهايبرد وتوحيد الضريبة الخاصة على المركبات الكهربائية عند 27٪ بدلًا من النسب التصاعدية السابقة، مما يشكل عاملا  مهما فيخفّض كلفة التملك والتأجير معًا.


 الإطار التشريعي: وضوح قانوني يجذب المستثمرين

يُعد قانون التأجير التمويلي رقم 45 لسنة 2008 في الأردن من أبرز النماذج التشريعية في المنطقة. إذ يحدد بدقة العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وآلية نقل الملكية، وحقوق الطرفين في حالة التعثر أو انتهاء العقد.

كما أصدر البنك المركزي الأردني تعليمات متقدمة لحماية المستهلك وتنظيم الإعلانات الخاصة بالتأجير التمويلي، ما يعزز ثقة العملاء ويحدّ من الممارسات غير العادلة في السوق.

وفي المقابل، أصدرت الإمارات قانونها الاتحادي الجديد للتأجير التمويلي عام 2023، بينما وضعت السعودية لوائح تنفيذية شاملة تحت إشراف ساما "البنك المركزي السعودي"، مما يجعل المنظومة الإقليمية أكثر نضجًا وتكاملاً.



اتجاهات السوق: من مبيعات الشركات والأساطيل إلى الأفراد


  •         الشركات الصغيرة والمتوسطة والمركبات التجارية

تشكّل الشركات الصغيرة والمتوسطة المحرك الأساسي لنمو الاقتصاد الأردني والخليجي. وهي بحاجة إلى حلول مرنة لإدارة أساطيلها دون إرهاق ميزانياتها.

تتيح عقود التأجير التمويلي لهذه الفئة استخدام المركبات التجارية الخفيفة (LCV) بمزايا تشمل الصيانة والتأمين وإدارة الاستهلاك عبر أنظمة التتبع الذكي.


  •         النقل التشاركي والسائقون المستقلون

مع صعود تطبيقات النقل الذكي مثل "أوبر" و"كريم" وغيرها من التطبيقات المحلية، ازداد الطلب على التأجير قصير الأجل والمخصص للسائقين بنظام الدفع التمويل الشهري حيث انه اكثر وضوحا في كل من الامارات والسعودية، لكنه في الاردن اقل فعالية مع اتجاه السائقين الى تمويلات البنوك أو الشراء النقدي خصوصا مع توفر مخزون من السيارات باسعار مناسبة بشكل عام.


  •         الأفراد والسيارات الكهربائية

تُعتبر السيارات الكهربائية مستقبل التنقل في دول المنطقة بالرغم من الشكوك التي بدأت تظهر في الافق فيما يتعلق بخطط انتاجها من قبل كبريات مصانع السيارات في العالم، ومع استمرار الصين في قيادة دفة انتاج السيارات الكهربائية بكلفة مناسبة قد تجد شركات التأجير التمويلي فرصة للعب دور قيادي في التحول عبر طرح عقود تتضمن الكثير من الخدمات المبتكرة سواء للسيارات الهجينة أو الكهربائية


ree

التمويل الإسلامي: ميزة تنافسية متزايدة

يشهد التأجير التمويلي الإسلامي، بنموذج الإجارة المنتهية بالتمليك، انتشارًا واسعًا في الأسواق العربية.

فهو يوفر حلولًا متوافقة مع الشريعة ويعزز ثقة العملاء الذين يفضلون التمويل الحلال.

وفي الأردن، يمكن لهذا النوع من العقود أن يكون ركيزة رئيسية لجذب فئة واسعة من المستهلكين، خاصة في ظل النمو السريع للمصارف الإسلامية في البلاد.


التكنولوجيا: البوابة إلى الكفاءة

لا يمكن تصور مستقبل التأجير التمويلي دون التحول الرقمي.

فمن خلال التحقق الإلكتروني من الهوية وربط الأنظمة مع مكاتب الائتمان، يمكن تسريع عمليات الموافقة إلى دقائق معدودة.

كما تُتيح أنظمة التتبع الذكي (Telematics) مراقبة حالة المركبات واستخدامها، مما يساعد الشركات في إدارة المخاطر وتقدير القيمة المتبقية بدقة أعلى.


الابتكار لا يتوقف هنا؛ فالشركات في بعض الدول بدأت تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك السائقين وتعديل الأسعار ديناميكيًا وفق مستوى المخاطر.

التحديات: تقلبات، صيانة، وتنافسية

رغم الإيجابيات، تواجه السوق الأردنية والعربية عدة تحديات:


  • تقلّبات الضرائب والسياسات الحكومية التي تؤثر على تسعير العقود

  • نقص مراكز صيانة السيارات الكهربائية ما يرفع تكلفة الصيانة والضمان.

  • تذبذب القيم المتبقية للسيارات الصينية الجديدة نتيجة حداثة دخولها للسوق الثانوية.

  • ارتفاع تكلفة التمويل في ظل أسعار الفائدة المتغيرة.


الحل يكمن في بناء شبكات صيانة متخصصة، وتوقيع اتفاقيات إعادة شراء مع الوكلاء، واستخدام نظم تمويل هجينة (تمويل مصرفي + توريق محافظ).



خارطة الطريق: خطة 12 شهرًا للأردن

المرحلة الأولى (الربع الأول والثاني)

  • تحديث العقود بما يتوافق مع قانون التأجير التمويلي رقم 45 وتعليمات البنك المركزي..

  • توقيع شراكات مع وكلاء السيارات الكبرى لتأمين التوريد وخدمات ما بعد البيع.


المرحلة الثانية (الربع الثالث)

  • إطلاق برنامج خاص لسائقي النقل التشاركي بنظام الدفع الأسبوعي أو الشهري

  • اعتماد مراكز صيانة معتمدة للسيارات الكهربائية وتدريب الفنيين المحليين.


المرحلة الثالثة (الربع الرابع)

  • البدء بتوريق أول محفظة تأجير بالدينار الأردني لجذب المستثمرين.

  • طرح خدمة الاشتراك الشهري (3 إلى 12 شهرًا) للمستهلكين الأفراد.

  • إعادة تقييم القيم المتبقية بناءً على بيانات السوق الفعلية.


في الختام، يُمثل التأجير التمويلي اليوم أكثر من مجرد أداة لتمويل السيارات؛ إنه منصة اقتصادية تُمكّن الأفراد والشركات من الحركة والنمو دون قيود مالية مرهقة.


وفي الأردن، بات هذا القطاع مرشحًا ليكون أحد محركات النمو غير التقليدية، خاصة في ظل التوجهات الاقتصادية والحاجة الى حلول ابتكارية فعالة


ومع استمرار الحكومات في تحديث القوانين وتخفيض الضرائب، فإن السنوات المقبلة ستحمل فرصًا هائلة للشركات التي تتبنى الابتكار وتفهم الخصوصية المحلية لكل سوق، والذين يدركون أن مستقبل التنقل يقوم على المرونة، وليس التملك، هم من سيقودون المرحلة المقبلة في احد جوانب الاقتصاد المهمة


 
 
 

Comments


bottom of page